ثلاثة يناظرون عالماً

كان أحد العلماء عاكـفاً في بستان له ؛ لا يخالط أحـداً مـن الناس
فسمع به ثلاثة من الذين يسخرون مـن أمثاله ؛ فقال قائل منهـم :
هلمّوا بنا نناظره ؛ فلما ذهبوا إليه وأجمعوا أن سألوه أشار إليهم
أن ادنوا أو تكلموا ؛ فتقدم الأول وقال : أنتم تقولون : الله موجود
وبناء على قولكم أطلب أن أرى الله ؛ فأشار إليهم نعم .

وتقدم الثاني وقال له : أنتم تقولون العذاب يوم القيامة بالنار ؛ والجن
خُـلقت في الأصل من النار ؛ فكيف تُعذبُ النار بالنار ؟!

ثم تقدم الثالث وقال له : أنتم تقولون أن كل شيء يسير بالقضاء والقدر
فـأيًّـا ما تقولون يشير بأن الإنسان غير مسؤول عن أعماله ؛ وأنا أرى
أن المرء يخلق أعماله .

فما كان من هذا العالم المسؤول ؛ إلاّ أن أخذ حفنة من التراب وذرَّهـا
في وجوههم وقال لهم : هذا جوابي لكم على ما سألتموني .

فاجمعوا أمرهم وقالوا : لا بد من سياقه إلى المحاكمة . ومشوا به إلى
الحـاكـم ؛ فسأله الحاكم : أصحيح مـا يـقـولـون مـن رمـيـك التـراب في
وجوههم ؟
قال : نعم ؛ قال له : ولم ؟
قال العالم : لأن الأول سألني أن أريه ربَّه ؛ حيث أنه موجود ؛ فقل له
أن يريني الألم الذي تألم به من حفنة التراب وأنا أريه ما يريد ؛ فسأل
الحاكم المشتكي : هلى يمكنك أن تريه الألم ؟
قال : لا ؛ قال العالم : قـُـل لهذا الجاهل ليس كل موجود يُرى .

وأما الثاني فسألني عن كيفية عذاب الجن بالنار يوم القيامة ؛ واستبعد
إيلام الشيء بمادته .
فقل له : لماذا تألم هذا الإنسان من التراب وهو مخلوق منه ؟

وأمـا الثالث فسألني عـن معـنى القضاء والقدر ؛ وقـال لي : لا بـد أن أسلم
له بأن المرء مجبور على أعماله ؛ ونسي ما للإنسان من الاختيار الكسبي
فـإذا كنتُ أنا لا اختار لي فيما فعلتُ بـه مـن ذر التراب ؛ فلماذا ساقـنـي إلى
هذه المحاكمة ؛
فنطق الحاكم وقال لهم : لا ترمـوا أن تحيطوا بالله خبرة فإنه أعـظـم مـن أن
تدركه فِطَن المخلوقات إلاَّ من آثاره .

ارجوا ان تعجبكم

تحياتي

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

شكرا كتير حسون
بجد موضوع جميل ومفيد